كوينتن تارانتينو يتحدث من كان: عن جورج شيرمان، مصادر الإلهام، وأول مرة على موقع تصوير

 

يُعد كوينتن تارانتينو أحد أبرز صُنّاع السينما المعاصرين، اشتهر بأسلوبه الفريد الذي يمزج بين الحوار الذكي والعنف الجمالي والموسيقى الانتقائية. منذ انطلاقته بفيلم Reservoir Dogs عام 1992، وحتى تحفه السينمائية اللاحقة مثل Pulp Fiction وInglourious Basterds، ظل تارانتينو اسماً مثيراً للجدل والإعجاب، وصاحب بصمة لا تُشبه سواها.

في مهرجان كان السينمائي، لا تمر لحظات مرور الكرام، خاصة عندما يكون كوينتن تارانتينو حاضرًا. وفي لقاء حيوي، كشف المخرج الأمريكي الشهير عن جوانب شخصية وفنية تتعلق بمسيرته، وشارك ذكريات وتجارب نادرة تتراوح بين الإعجاب بسينما الخمسينيات، والتوتر المصاحب لأول تجربة إخراج.

جورج شيرمان: المخرج المفضل لتارانـتينو

بدأ تارانتينو حديثه بإعلان حماسه الكبير لأعمال المخرج الأمريكي جورج شيرمان، الذي أصبح – كما وصفه – مخرج أفلام الحركة المفضل لديه في خمسينيات القرن الماضي، خصوصًا إنتاجاته لشركة "يونيفرسال". وبعد بحث موسّع في سيرته وأفلامه، قرر أن يقدّم أحد أعماله في مهرجان كان، واختار فيلم Red Canyon، المعروف في فرنسا بعنوان Leang Noa.

من التكريم إلى المتعة: حضور مختلف في نسخة هذا العام

أوضح تارانتينو أن حضوره في دورة هذا العام من المهرجان لم يكن فقط لتقديم أفلام شيرمان، بل أيضًا للاحتفاء بتكريم النجم روبرت دي نيرو بمنحه سعفة ذهبية فخرية عن مجمل أعماله. وأعرب عن سعادته بالحفل الافتتاحي ولقائه المفاجئ مع النجم "ليف"، مؤكدًا أنها كانت ليلة مميزة.

حول المخاطرة الفنية والتردد: "إذا ترددت... فأنا على الطريق الصحيح"

لا يتجنب تارانتينو المغامرة. في حديثه عن اتخاذ قرارات إخراجية جريئة، قال: "إذا شعرت بالتردد حيال مشهد أو خيار ما، فعلى الأرجح أن هذا هو الطريق الذي يجب أن أسلكه". وأوضح أنه لا يتخذ المواقف الاستفزازية من أجل الجدل فقط، بل لأن تلك اللحظات عادةً ما تحمل شيئًا يستحق الاستكشاف.

وأضاف أن ذلك يرتبط غالبًا بجوانب من الشخصيات التي قد لا تروق للجمهور، لكنه لا يرى مانعًا من ذلك: "لأن هذه هي طبيعة الشخصية".

السيناريو هو شبكة الأمان

عندما سُئل عن توازنه بين السيناريو والإخراج، شبّه عمله بأداء بهلواني على حبل مشدود: "السيناريو هو شبكة الأمان. أستطيع الدوران والتجريب بحرية، لكنني دائمًا أعلم أن لدي النص لأعود إليه إن سقطت".

الشخصيات أولًا... قبل الحبكات

يرى تارانتينو أن ما يخلّد أفلامه ليس السيناريوهات بقدر ما هي الشخصيات التي ابتكرها. فبينما تتبع القصص في الغالب قوالب النوع السينمائي (Genre)، يرى أن الشخصيات التي كتبها وأخرجها تظل حية ومؤثرة حتى بعد مرور الزمن.

عن التأثير والإرث

في موقف قد يُخالف رأي بعض المبدعين، عبّر تارانتينو عن سعادته حين يرى صناع أفلام آخرين يتأثرون بأسلوبه، حتى إن استلهموا منه بشكل مباشر:
"أشعر أن ذلك يعني أن عملي له معنى... تمامًا كما تأثرت أنا بسيرجيو ليوني وبرايان دي بالما. من الرائع أن ترى الآخرين يقتبسون من أعمالك بحب".

أول مرة خلف الكاميرا: الأكثر صعوبة

تحدث تارانتينو بصراحة عن صعوبة أول تجربة إخراجية له، حيث كان الجميع في موقع التصوير أكثر خبرة منه. كان يتعلم كل شيء أثناء العمل، وكانت الكتابة والتعامل مع الممثلين هما ما أبقاه متماسكًا. أما الآن، وبعد 30 عامًا من صناعة الأفلام، يؤكد أنه بات محترفًا يعرف ما يفعله، حتى وإن لم يكن دائمًا يصنع أفضل فيلم.

"لا أظن أن هناك جبلًا آخر لأتسلقه"

سُئل عن طموحاته المستقبلية، فأجاب بتواضع: "حاولت أن أفوز بسعفة ذهبية ثانية، لكن الأمر لم يحدث... لا أظن أن هناك جبلًا آخر لأتسلقه".

ذكريات لا تُنسى من كان

حين طُلب منه اختيار أفضل لحظاته في مهرجان كان، أشار إلى فوز فيلمه الثاني بالسعفة الذهبية، وهو ما غيّر مسار حياته بالكامل، إضافة إلى عرضه الأول لفيلم Reservoir Dogs ضمن الاختيارات الرسمية خارج المسابقة. "كنت أظن أنني مخرج أفضل من كوني موظفًا في متجر فيديو مع أنني كنت موظفًا ممتازًا!" قال ضاحكًا.


ختامًا، يثبت تارانتينو في كل ظهور له أنه ليس مجرد صانع أفلام، بل عاشق حقيقي للسينما، يتنقل بين أجيالها وتقاليدها، ويواصل بناء
إرثه الخاص بشخصياته، وموسيقاه، وجرأته البصرية التي لا تخطئها العين.

انقر هنا لمشاهدة المقابلة باللغة الإنكليزية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عشرة نصائح في الكتابة والإخراج من دينيس فيلنوف

عشرة أدوار لا تُنسى لمايكل مادسن

ما هو أكثر مشهد "سبيلبرغي" في أفلام سبيلبرغ؟